الرقى والتمائم
في الصحيح عن أبي بشير الأنصاري رضي الله عنه،
أنه كان مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في بعض أسفاره، فأرسل
رسولًا: (أن لا يبقين في رقبة بتركيقلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت)
قال المؤلف: باب ما جاء في الرقى والتمائم.
لم
يذكر المؤلف أن هذا الباب من الشرك، لأن الحكم فيه يختلف عن حكم لبس
الحلقة والخيط، ولهذا جزم المؤلف في الباب الأول أنها من الشرك بدون
استثناء، أما هذا الباب، فلم يذكر أنها شرك، لأن من الرقى ما ليس بشرك،
ولهذا قال: (باب ما جاء في الرقى والتمائم).
قوله: "شرك"، جمع رقية، وهي القراءة، فيقال: رقى عليه - بالألف - من القراءة، ورقي عليه - بالياء - من الصعود.
قوله: "التمائم"، جمع تميمة، وسميت تميمة، لأنهم يرون أنه يتم بها دفع العين.
قوله: "أسفاره"، السفر: مفارقة محل الإقامة، وسمي سفرًا، لأمرين:
الأول: حسي، وهو أنه يسفر ويظهر عن بلده لخروجه من البنيان.
الثاني: معنوي، وهي أن يسفر عن أخلاق الرجال، أي: يكشف عنها وكثير من الناس لا تعرف أخلاقهم وعاداتهم وطبائعهم إلا بالأسفار.
قوله:
(قلادة من وتر، أو قلادة)، شك من الراوي، والأولى أرجح، لأن القلائد
كانت تتخذ من الأوتار، ويعتقدون أن ذلك يدفع العين عن البعير، وهذا اعتقاد
فاسد، لأنه تعلق بما ليس بسبب، وقد سبق أن التعلق بما ليس بسبب شرعي أو حسي
شرك، لأنه بتعلقه أثبت للأشياء سببًا لم يثبته الله لا بشرعه ولا بقدره،
ولهذا أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن نقطع هذه القلائد.
أما
إذا كانت هذه القلادة من غير وتر، وإنما تستعمل للقيادة كالزمام، فهذا لا
بأس به لعدم الاعتقاد الفاسد، وكان الناس يعملون ذلك كثيرًا من الصوف أو
غيره.
قوله: (في رقبة بعير)، ذكر البعير، لأن هذا هو الذي
كان منتشرًا حينذاك، فهذا القيد بناء على الواقع عندهم، فيكون كالتمثيل،
وليس بمخصص.
* يستفاد من الحديث:
1- أنه ينبغي لكبير القوم أن يكون مراعيًا لأحوالهم، فيتفقدهم وينظر في أحوالهم.
2- أنه يجب عليه رعايتهم بما تقتضيه الشريعة، فإذا فعلوا محرمًا منعهم منه، وإن تهاونوا في واجب حثهم عليه.
3-
أنه لا يجوز أن تعلق في أعناق الإبل أشياء تجعل سببًا في جلب منفعة أو دفع
مضرة، وهي ليس كذلك لا شرعًا ولا قدرًا، لأنه شرك، ولا يلزم أن تكون
القلادة في الرقبة، بل لو جعلت في اليد أو الرجل، فلها حكم الرقبة، لأن
العلة هي هذه القلادة، وليس مكان وضعها، فالمكان لا يؤثر.
4- أنه يجب على من يستطيع تغيير المنكر باليد أن يغيره بيده.
* * *
وعن
ابن مسعود رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
يقول: (إن الرقي والتمائم والتولة شرك). رواه أحمد وأبو داود
قوله:
(إن الرقى)، جمع رقبة، وهذه ليست على عمومها، بل هي عام أريد به خاص،
وهو الرقي بغير ما ورد به الشرع، أما ما ورد به الشرع، فليست من الشرك، قال
ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الفاتحة: (وما يدريك أنها رقية).
وهل المراد بالرقي في الحديث ما لم يرد به الشرع ولو كانت مباحة، أو المراد ما كان فيه شرك؟
الجواب: الثاني، لأن كلام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يناقض بعضه بعضًا، فالرقى المشروعة التي ورد بها الشرع جائزة.
وكذا الرقي المباحة التي يرقى بها الإنسان المريض بدعاء من عنده ليس فيه شرك جائز أيضًا.
قوله:
"التمائم"، فسرها المؤلف بقوله: (شيء يعلق على الأولاد يتقون به
العين)، وهي من الشرك، لأن الشارع لم يجعلها سببًا تتقى به العين.
وإذا كان الإنسان يلبس أبناءه ملابس رثة وبالية خوفًا من العين، فهل هذا جائز؟
الظاهر
أنه لا بأس به، لأنه لم يفعل شيئًا، وإنما ترك شيئًا، وهو التحسين
والتجميل، وقد ذكر ابن القيم في "زاد المعاد" أن عثمان رأى صبيًا
مليحًا، فقال: دسموا نونته، والنونة: هي التي تخرج في الوجه عندما يضحك
الصبي كالنقوة، ومعنى دسموا، أي: سودوا.
وأما الخط: وهي أوراق من القرآن تجمع وتوضع في جلد ويخاط عليها، ويلبسها الطفل على يده أو رقبته، ففيها خلاف بين العلماء.
وظاهر الحديث: أنها ممنوعة، ولا تجوز.
ومن
ذلك أن بعضهم يكتب القرآن كله بحروف صغيرة في أوراق صغيرة، ويضعها في
صندوق صغير، ويعلقها على الصبي، وهذا مع أنه محدث، فهو إهانة للقرآن
الكريم، لأن هذا الصبي سوف يسيل عليه لعابه، وربما يتلوث بالنجاسة، ويدخل
به الحمام والأماكن القذرة، وهذا كله إهانة للقرآن.
ومع الأسف أن
بعض الناس اتخذوا من العبادات نوعًا من التبرك فقط، مثل ما يشاهد من أن بعض
الناس يمسح الركن اليماني، ويمسح به وجه الطفل وصدره، وهذا معناه أنهم
جعلوا مسح الركن اليماني من باب التبرك لا التعبد، وهذا جهل، وقد قال عمر
في الحجر: (إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأي رسول الله
ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقبلك ما قبلتك) .
قوله:
"التولة"، شيء يعلقونه على الزوج، يزعمون أنه يحبب الزوجة إلى زوجها
والزوج إلى امرأته، وهذا شرك، لأنه ليس بسبب شرعي ولا قدري للمحب.
ومثل
ذلك الدبلة، والدبلة: خاتم يشترى عند الزواج يوضع في يد الزوج، وإذا
ألقاه الزوج، قالت المرأة: إنه لا يحبها، فهم يعتقدون فيه النفع والضرر،
ويقولون: إنه ما دام في يد الزوج، فإنه يعني أن العلاقة بينهما ثابتة،
والعكس بالعكس، فإذا وجدت هذه النية، فإنه من الشرك الأصغر، وإن لم توجد
هذه النية - وهي بعيدة ألا تصحبها ـ، ففيه تشبه بالنصارى، فإنها مأخوذة
منهم.
وإن كانت من الذهب، فهي بالنسبة للرجل فيها محذور ثالث، وهو
لبس الذهب، فهي إما من الشك، أو مضاهاة النصارى، أو تحريم النوع إن كانت
للرجال، فإن خلت من ذلك، فهي جائزة لأنها خاتم من الخواتم.
وقوله: "شرك"، هل هي شرك أصغر أو أكبر؟
نقول:
بحسب ما يريد الإنسان منها إن اتخذها معتقدًا أن المسبب للمحبة هو الله،
فهي شرك أصغر، وإن اعتقد أنها تفعل بنفسها، فهي شرك أكبر.
* * *
وعن عبد الله بن عكيم مرفوعًا: (من تعلق شيئًا، وكل إليه) رواه أحمد والترمذي .
قوله: "من تعلق"، أي: اعتمد عليه وجعله همه ومبلغ علمه، وصار يعلق رجاءه به وزوال خوفه به.
قوله:
"شيئًا" نكرة في سياق الشرط، فتعم جميع الأشياء، فمن تعلق بالله -
سبحانه وتعالى -، وجعل رغبته ورجاءه فيه وخوفه منه، فإن الله تعالى يقول:
{وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:
3]، أي: كافيه، ولهذا كان من دعاء الرسل وأتباعهم عند المصائب
والشدائد: (حسبنا الله ونعم الوكيل)، قالها إبراهيم حين ألقي في
النار، وقالها محمد واصحابه حين قيل لهم: {إن الناس قد جمعوا لكم
فاخشوهم} [آل عمران: 173].
قوله: "وكل إليه"، أي: أسند إليه، وفوض.
* أقسام التعلق بغير الله:
الأول:
ما ينافي التوحيد من أصله، وهو أن يتعلق بشيء لا يمكن أن يمكن أن يكون له
تأثير، ويعتمد عليه اعتمادًا معرضًا عن الله، مثل تعلق عباد القبور بمن
فيها عند حلول المصائب، ولهذا إذا مستهم الضراء الشديدة يقولون: يا
فلان! أنقذنا، فهذا لا شك أنه شرك أكبر مخرج من الملة.
الثاني:
ما ينافي كمال التوحيد، وهو أن يعتمد على سبب شرعي صحيح مع الغفلة عن
المسبب، وهو الله - عز وجل -، وعدم صرف قلبه إليه، فهذا نوع من الشرك، ولا
نقول شرك أكبر، لأن هذا السبب جعله الله سببًا.
الثالث: أن
يتعلق بالسبب تعلقًا مجردًا لكونه سببًا فقط، مع اعتماده الأصلي على الله،
فيعتقد أن هذا السبب من الله، وأن الله لو شاء لأبطل أثره، ولو شاء لأبقاه،
وأنه لا أثر للسبب إلا بمشيئة الله - عز وجل ـ، فهذا لا ينافي التوحيد لا
كمالًا ولا أصلًا، وعلى هذا لا إثم فيه.
ومع وجود الأسباب الشرعية الصحيحة ينبغي للإنسان أن لا يعلق نفسه بالسبب، بل يعلقها بالله.
فالموظف
الذي يتعلق قلبه بمرتبه تعلقًا كاملًا، مع الغفلة عن المسبب، وهو، قد وقع
في نوع من الشرك، أما إذا اعتقد ان المرتب سبب، والمسبب هو الله ـ سبحانه
وتعالى ـ وجعل الاعتماد على الله، وهو يشعر أن المرتب سبب، فهذا لا ينافي
التوكل.
وقد كان الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يأخذ بالأسباب مع اعتماده على المسبب، وهو الله- عز وجل -.
وجاء
في الحديث: (من تعلق)، ولم يقل: من علق، لأن المتعلق بالشيء يتعلق
به بقلبه وبنفسه، بحيث ينزل خوفه ورجاءه وأمله به، وليس كذلك من علق.
قوله: (إذا كان المعلق من القرآن...) إلخ.
إذا
كان المعلق من القرآن أو الأدعية المباحة والأذكار الواردة، فهذه المسألة
اختلف فيها السلف رحمهم الله، فمنهم من رخص في ذلك لعموم قوله: {وننزل
من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين} [الإسراء: 82]، ولم يذكر
الوسيلة التي نتوصل بها إلى الاستشفاء بهذا القرآن، فدل على أن كل وسيلة
يتوصل بها إلى ذلك فهي جائزة، كما لو كان القرآن دواءًا حسيًا.
ومنهم
من منع ذلك وقال: لا يجوز تعليق القرآن للاستشفاء به، لأن الاستشفاء
بالقرآن ورد على صفة معينة، وهي القراءة به، بمعنى أنك تقرأ على المريض به،
فلا نتجاوزها، فلو جعلنا الاستشفاء بالقرآن على صفة لم ترد، فمعنى ذلك
أننا فعلنا سببًا ليس مشروعًا ، وقد نقله المؤلف رحمه الله عن ابن مسعود
رضي الله عنه.
ولولا الشعور النفسي بأن تعليق القرآن سبب للشفاء،
لكان انتفاء السببية على هذه الصورة أمرًا ظاهرًا، فإن التعليق ليس له
علاقة بالمرضى، بخلاف النفث على مكان الألم، فإنه يتأثر بذلك.
ولهذا
نقول: الأقرب أن يقال: إنه لا ينبغي أن تعلق الآيات للاستشفاء بها، لا
سيما وأن هذا المعلق قد يفعل أشياء تنافي قدسية القرآن، كالغيبة مثلًا،
ودخول بيت الخلاء، وأيضًا إذا علق وشعر أن به شفاء استغنى به عن القراءة
المشروعة، فمثلًا: علق آية الكرسي على صدره، وقال: ما دام أن آية
الكرسي على صدري فلن أقرأها، فيستغني بغير المشروع عن المشروع، وقد يشعر
بالاستغناء عن القراءة المشروعة إذا كان القرآن على صدره.
وإن كان صبيًا، فربما بال ووصلت الرطوبة إلى هذا المعلق، وأيضًا لم يرد عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيه شيء.
فالأقرب
أن يقال: أنه لا يفعل، أما أن يصل إلى درجة التحريم، فأنا أتوقف فيه،
لكن إذا تضمن محظورًا، فإنه محرمًا بسبب ذلك المحظور.
* * *
و"الرقي":
هي التي تسمى العزائم، وخص منها الدليل ما خلا من الشرك، فقد رخص فيه رسول
الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من العين والحمة.
و"التولة": هي شيء يصنعونه يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها والرجل إلى امرأته.
قوله: )التي تسمى العزائم(. أي: في عرف الناس، وعزم عليه، أي: قرأ عليه، وهذه عزيمة، أي قراءة.
قوله:
)وخص منها الدليل ما خلا من الشرك(، أي: الأشياء الخالية من الشرك،
فهي جائزة، سواء كان مما ورد بلفظه مثل: )اللهم رب الناس! أذهب
الباس، اشف أنت الشافي...( ، أو لم يرد بلفظه مثل: (اللهم
عافه، الله اشفه)، وإن كان فيها شرك، فإنها غير جائزة، مثل: (يا
جني! أنقذه، ويا فلان الميت! اشفه)، ونحو ذلك.
قوله:
(من العين والحمة)، سبق تعريفهما في باب من حقق التوحيد دخل الجنة.
وظاهر كلام المؤلف: أن الدليل لم يرخص بجواز القراءة إلا في هذين
الأمرين: (العين، والحمة)، لكن ورد بغيرهما، فقد كان النبي ـ صلى
الله عليه وسلم ـ ينفخ على يديه عند منامه بالمعوذات، ويمسح بهما ما استطاع
من جسده ، وهذا من الرقية، وليس عيبًا ولا حمة.
ولهذا يرى بعض
أهل العلم الترخيص في الرقية من القرآن للعين والحمة وغيرهما عام، ويقول:
إن معنى قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (لا رقية إلا من عين أو
حمة)، أي: لا استرقاء إلا من عين أو حمة، والاسترقاء: طلب الرقية،
فالمصيب بالعين - وهو "العائن" - يطلب منه أن يقرأ على المعيون.
وكذلك الحمة يطلب الإنسان من غيره أن يقرأ عليه، لأنه مفيد كما في حديث أبي سعيد في قصة السرية .
* شروط جواز الرقية:
الأول:
أن لا يعتقد أنها تنفع بذاتها دون الله، فإن اعتقد أنها تنفع بذاتها من
دون الله، فهو محرم، بل شرك، بل يعتقد أنها سبب لا تنفع إلا بإذن الله.
الثاني: أن لا تكون مما يخالف الشرع، كما إذا كانت متضمنة دعاء غير الله، أو استغاثة بالجن، وما أشبه ذلك، فإنها محرمة، بل شرك.
الثالث: أن تكون مفهومة معلومة، فإن كانت من جنس الطلاسم والشعوذة، فإنها لا تجوز.
أما بالنسبة للتمائم، فإن كانت أمر محرم، أو اعتقد أنها نافعة لذاتها، أو كانت بكتابة لا تفهم، فإنها لا تجوز بكل حال.
وإن تمت فيها الشروط الثلاثة السابقة في الرقية، فإن أهل العلم اختلفوا فيها كما سبق.
* * *
وروى
أحمد عن رويفع، قال: قال لي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (يا
رويفع! لعل الحياة ستطول بك، فأخبر الناس أن من عقد لحيته، أو تقلد
وترًا، أو استنجى برجيع دابة أو عظم، فإن محمدًا بريء منه).
قوله: (من عقد لحيته)، اللحية عند العرب كانت لا تقص ولا تحلق، كما أن ذلك هو السنة، لكنهم كانوا يعقدون لحاهم لأسباب:
منها: الافتخار والعظمة، فتجد أحدهم يعقد أطرافها، أو يعقدها من الوسط عقدة واحدة ليعلم أنه رجل عظيم، وأنه سيد في قومه.
الثاني:
الخوف من العين، لأنها إذا كانت حسنة وجميلة ثم عقدت أصبحت قبيحة، فمن
عقدها لذلك، فإن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بريء منه.
وبعض
العامة إذا جاءهم طعام من السوق أخذوا شيئًا منه يرمونه في الأرض، دفعًا
للعين، وهذا اعتقاد فاسد ومخالف لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
(إذا سقطت لقمة أحدكم، فليمط ما بها من الأذى، وليأكلها) .
قوله:
(أو تقلد وترًا)، الوتر: سلك من العصب يؤخذ من الشاة، وتتخذ للقوس
وترًا، ويستعملونها في أعناق إبلهم أو خيلهم، أو في أعناقهم، يزعمون أنه
يمنع العين، وهذا من الشرك.
قوله: (أو استنجى برجيع
دابة). الاستنجاء: مأخوذ من النجو، وهو إزالة أثر الخارج من
السبيلين، لأن الإنسان الذي يتمسح بعد الخلاء يزيل أثره.
ورجيع الدابة: هو روثها.
قوله:
(أو عظم). العظم معروف وإنما تبرأ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ممن
استنجى بهما، لأ، الروث علف بهائم الجن والعظم طعامهم، يجدونه أو ما يكون
لحمًا.
وكل ذنب قرن بالبراءة من فاعلة، فهو من كبائر الذنوب، كما هو معروف عند أهل العلم.
الشاهد من هذا الحديث قوله: (من تقلد وترًا).
* * *
وعن سعيد ب جبير، قال: (من قطع تميمة من إنسان، كان كعدل رقبة). رواء وكيع
*
قوله: وعن سعيد بن جبير، قال: (من قطع تميمة...) الحديث
قوله: (كعدل رقبة) بفتح العين لأنه من غير الجنس، والمعادل من الجنس
بكسر العين، ووجه المشابهة بين قطع التميمة وعتق الرقبة: أنه إذا قطع
التميمة من إنسان، فكأنه اعتقه من الشرك، ففكه من النار، ولكن يقطعها بالتي
هي أحسن، لأن العنف يؤدي إلى المشاحنة والشقاق، إلا إن كان ذا شأن،
كالأمير، والقاضي، ونحوه ممن له سلطة، فله أن يقطعها مباشرة.
* * *
وله عن إبراهيم، قال: (كانوا يكرهون التمائم كلها من القرآن وغير القرآن) .
قوله:
(كانوا يكرهون التمائم كلها من القرآن وغير القرآن)، وقد سبق أن هذا
رأي ابن مسعود رضي الله عنه، فأصحابه يرون، ما يراه.
قوله: (وله عن إبراهيم)، وهو إبراهيم النخعي.
قوله: (كانوا)، الضمير يعود إلى أصحاب ابن مسعود، لأنهم هم قرناء إبراهيم النخعي.
قوله:
(التمائم)، هي ما يعلق على المريض أو الصحيح، سواء من القرآن أو غيره
للاستشفاء أو لاتقاء العين، أو ما يعلق على الحيوانات.
وفي هذا
الوقت أصبح تعليق القرآن لا للاستشفاء، بل لمجرد التبرك والزينة، كالقلائد
الذهبية، أو الحي التي يكتب عليها لفظ الجلالة، أو آية الكرسي، أو القرآن
كاملًا، فهذا كله من البدع.