الكثير من أطفالنا سيصومونه للمرة
الأولى بشكل فعلي. لكن إعداد الطفل للصوم يجب أن تسبقها استشارة الطبيب
للتأكد من عدم وجود أية أمراض أولية لديهم، حتى إذا لم تكن أعراضها ظاهرة.
وأوضحت الدكتورة علياء أحمد، أخصائية طب الأطفال في مدينة الشيخ خليفة
الطبية في أبوظبي، أنه من ضمن هذه الأمراض فقر الدم، وارتفاع ضغط الدم،
وعدم تحمل الغلوكوز، وتأخر النمو، وزيادة أو فقدان الوزن بشكل غير مألوف.
وتقول الطبيبة: "بشكل عام، ينبغي لجميع الأطفال إجراء هذه الفحوصات،
وبالنسبة للأطفال الراغبين في الصوم، يكون من المهم جداً أن يخضعوا لفحوصات
شاملة". وإلى الجانب الحالة الصحية، ينبغي للأهل أيضاً أن يأخذوا الحالة
الوجدانية والروحانية لطفلهم في الاعتبار، وأوضحت الدكتورة علياء: "أنا
شخصياً، لا أنصح بالصيام قبل العام التاسع أو العاشر".
وأشارت الدكتورة علياء أحمد إلى أن الصيام يُعد رحلة روحانية ينبغي شرحها
للأطفال؛ إذ أن الصيام ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب فحسب، بل أيضاً
تدريب على ضبط النفس وأداء الصلاة وفعل الخير والسيطرة على الجسد والعقل.
وبناءً على ذلك، ينبغي قبل الصيام للمرة الأولى أن يكون الطفل ناضجاً بقدر
كاف يتيح له فهم هذه الغايات
السامية.
وعندما يشرع الأطفال في الصيام، ينبغي للأهل أن يراقبوا بشكل صارم العادات
الغذائية لطفلهم بعد الإفطار؛ إذ ينبغي أن يكون النظام الغذائي للأطفال ـــ
شأنهم في ذلك شأن الكبار ـــ متوازناً وصحياً. ويجب أن تتضمن قائمة الطعام
مواداً غذائية تحتوي على كربوهيدرات مركبة، والكثير من الألياف، وتوليفة
متوازنة من البروتينات والدهون الصحية. وتحذر الدكتورة علياء أحمد من أنّ
"المواد الغذائية المصنعة والمحمرة الغنية بالدهون، مثل المشروبات والعصائر
المحلاة بالسكر، لا يُوصى بها للأطفال الذين ما زالوا في مرحلة النمو.
وعند تناول وجبة الإفطار، يجب إمداد جسم الطفل بالعناصر المغذية اللازمة
يومياً، من بينها الكالسيوم والحديد وفيتامين D والماء والدهون
والبروتينيات والألياف الغذائية. ونظراً لأن عظام الأطفال لا تزال في مرحلة
النمو، ينصح الدكتور محمد أنيس بالانتباه إلى ضرورة أن يتناول الطفل
منتجات الألبان بقدر كاف.
وبالطبع يكون من المهم أيضاً أن يتناول الطفل قدراً وفيراً من السوائل.
ويُعد تعرض الجسم للجفاف من الأمور المألوفة لدى البالغين أيضاً. إلى جانب
الصيام، يفقد الجسم مزيداً من الماء والأملاح من خلال التنفس والعرق
والتبول. وأشارت الدكتورة علياء أحمد إلى أن كمية السوائل المفقودة ترتبط
أيضاً بالطقس ومدى النشاط الجسدي المبذول وكمية الماء التي تناولها المرء
قبل الصيام وقدرة الكُلى على الاحتفاظ بالماء. وتشير أحمد إلى أنّ غالبية
الأطفال "يتمتعون بكلى سليمة بمقدورها أن تتواءم مع حالة الجوع". ومع ذلك،
تؤكد الطبيبة أن الوقاية خير من العلاج، لذا فهي تقدم النصيحة التالية:
"أعيدوا إمداد الجسم بالسوائل قبل بدء الصيام وبعد الإفطار".
وبحسب الدكتور أنيس، ينبغي أن يحصل الطفل على قسط وافر من الراحة نهاراً،
ويقول: "يمكن شدّ اهتمام الأطفال نهاراً بأنشطة مثل القراءة". بهذه
الطريقة، تتوافر للجسم الطاقة الكافية التي يحتاجها من أجل التنظيف والتخلص
من السموم.