أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)
سيد الوصيين وأول أئمة المسلمين وخلفاء الله في العالمين بعد سيد المرسلين
محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
اسمه (علي)، وكنيته أبو الحسن ولقبه أمير المؤمنين.
ولد في 13 رجب قبل البعثة النبوية بعشر سنوات في جوف الكعبة الشريفة. وهو
أول وآخر من ولد فيها، وهذه من كراماته.
وأمه السيدة فاطمة بن أسد، وأبوه أبو طالب كافل النبي (صلى الله عليه وآله
وسلم) ومؤمن قريش وأكبر المدافعين عن الإسلام ونبيه حتى سمى الرسول (صلى
الله عليه وآله وسلم) عام وفاته ووفاة خديجة بعام الحزن، وهذا ما يدل على
إسلامه بالإضافة إلى جهره بإسلامه في خطبه وأشعاره الكثيرة التي منها قوله
يخاطب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
ودعوتني وعلمت أنك صادق ولقد صدقت وكنت قبل أمينا
ولقد علمت بأن دين محـمد من خير أديان البرية دينـا
ويمكن تقسم حيات الإمام إلى مراحل خمسة:
1- من الولادة إلى البعثة:
حيث تكفله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعمره خمس سنوات فنشأ في حجره وتربى على يديه، حتى شاركه في عبادته قبل البعثة.
2- من البعثة إلى الهجرة:
أول من أسلم بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هو الإمام علي (عليه السلام)
وكان عمره الشريف عشر سنين، وشاركه في تحمل أعباء الرسالة والدفاع عنها
سرّاً وعلانية لمدة ثلاثة عشر عاماً في مكة، وكان يكتب له الوحي وبات على
فراشه ليلة الهجرة مضحياً في سبيل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
ورسالته.
3- من الهجرة إلى وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم):
شارك في جميع الغزوات خلال عشر سنوات عدا تبوك، حتى قيل أن الإسلام إنما
قام بسيف علي وأموال خديجة ودفاع أبي طالب، وظهرت منه بطولات خارقة في جميع
هذه المعارك الجهادية، حتى قال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في حقه
يوم الخندق: "ضربة علي يوم الخندق تعدل عبادة الثقلين إلى يوم القيامة"،
وكان الرسول يؤكد على خلافته من بعده منذ يوم الدار في بداية البعثة حتى
وفاته وتوّجها ببيعة الغدير.
4- من وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى خلافته:
استمر في هذه المرحلة خمس وعشرين عاماً، اختار فيها الإمام الصبر السكوت
حفظاً للإسلام والمسلمين، حيث اغتصب حقه في الخلافة وتعرض للكثير من الأذى
والحيف، ومع استنكاره لمواقف المغتصبين لحقه في أحاديثه وخطبه لم يقصّر عن
بذل الجهود لما فيه مصلحة الإسلام والمسلمين مع مواصلة لنشاطه العلمي، ونشر
التعاليم الإسلامية وتربية مجموعة من المؤمنين على العلم والإسلام الأصيل.
5- من الخلافة حتى الشهادة:
وفي المرحلة التي استمرت ما يقرب من خمس سنين حيث تولى الخلافة بعد أن
بايعه المسلمون، وقد حكم بالعدل وتطبيق سنة الرسول (صلى الله عليه وآله
وسلم) والإسلام الأصيل، مما أسخط ذوي الأطماع الذين لم توافق حياتهم
ومتطلباتهم عدالة علي وتطبيق الإسلام الأصيل ولذلك حدثت المعارك الثلاث
التي قام بها الناكثون، والقاسطون، والمارقون، فسميت هذه المعارك بالجمل
وصفين والنهروان. وأخيراً استشهد الإمام في سبيل العدالة والإسلام الأصيل
في محراب صلاته في مسجد الكوفة بيد أحد المارقين (الخوارج) في ليلة التاسع
عشر من رمضان 40 هجري، وتوفي ليلة الواحد والعشرين منه. وقد دفن في النجف
الأشرف حيث مرقده الشريف هناك يزوره ملايين العشاق والمؤمنين.
وقد أُثر عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) الكثير من الخطب والرسائل
والمواعظ والكلم، جمع بعضها الشريف الرضي في كتابه الخالد (نهج البلاغة).
ومن وصيته الأخيرة لأبنائه قوله (عليه السلام):
"أوصيكما وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي، بتقوى الله، ونظم أمركم وصلاح
ذات بينكم.. الله الله في الأيتام.. الله الله في جيرانكم، والله الله في
القرآن، لا يسبقكم بالعمل به غيركم، والله الله في الصلاة فإنها عمود
دينكم، والله الله في الجهاد بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم في سبيل الله.
وعليكم بالتواصل والتبادل، وإياكم والتدابر والتقاطع، ولا تتركوا الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر، فيولّى عليكم شراركم ثم تدعون فلا يُستجاب
لكم".