قال تعالى : (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ).
· تعريف سلامة الصدر: المراد به عدم الحقد والغل والبغضاء.
· من هو مخموم القلب؟:قال الرسول صلى اللـه عليه وسلم: ] أفضل الناس كل مخموم القلب صدوق اللسان. قالوا : صدوق اللسان نعرفه ؛ فما مخموم القلب ؟ قال: التقي النقي ؛ لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد[ . رواه ابن ماجه.
· أفضل طرق الجنة: قال قاسم الجوعي: أفضل طرق الجنة سلامة الصدر.
· الدعاء بسلامة الصدر: كان من دعائه صلى اللـه عليه وآله وسلم:] واسلل سخيمة قلبي [ وعند الترمذي: ] واسلل سخيمة صدري [ . وهذه منقبة وخلة عظيمة الشأن قليل هم الذين يتحلون بها؛ لأنه عسيرٌ على النفس أن تتجرد من حظوظها، وتتنازل عن حقوقها لغيرها، هذا مع ما يقع من كثير من الناس من التعدي والظلم، فإذا قابل المرء ظلم الناس وجهلهم وتعديهم بسلامة صدر، ولم يقابل إساءتهم بإساءة، ولم يحقد عليهم، نال مرتبة عالية من الأخلاق الرفيعة والسجايا النبيلة .وهو عزيز ونادر في الناس، ولكنه يسير على من يسره اللـه عليه.وما يلقاها إلاالذين صبروا ومايلقاها إلا ذو حظ عظيم.
· من صفات أهل الجنة:فلا بد للمسلم من تربية نفسه على سلامة الصدر ونقاء السريرة التي هي صفة من صفات أهل الجنة: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ).
· مما يعين على سلامة الصدر:
1- الإخلاص وهو الرغبة فيما عند اللـه تعالى والزهد في الدنيا وزخرفها.
2- رضا العبد بما قسمه اللـه تعالى: قال ابن القيم: إن الرضى يفتح له باب السلامة فيجعل قلبه سليما نقيا من الغش والدغل والغل ولا ينجو من عذاب اللـه إلا من أتى اللـه بقلب سليم كذلك وتستحيل سلامة القلب مع السخط وعدم الرضى وكلما كان العبد أشد رضى كان قلبه أسلم.ا.ه فمن تدبر كتاب اللـه تعالى علم ما أعده اللـه تعالى لمن سلمت صدورهم وقد وصف اللـه التابعين بإحسان بأن من دعائهم أن لايجعل في قلوبهم غلا للذين آمنوا.
3- قراءة القرآن وتدبره: فهو الدواء لكل داء، والمحروم من لم يتداو بكتاب اللـه، قال تعالى: (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ).
4- تذكر الحساب والعقاب: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) ، فمن أيقن أنه محاسب ومسئول عن كل شيء هانت الدنيا عليه وزهد بما فيها وفعل ما ينفعه عند اللـه تعالى.
5- الدعاء: فعلى المسلم أن يلتزم هذا الدعاء لنفسه وأن يدعو به لإخوانه المسلمين ( وَالذِّينَ جَآءُو مِن بَعدِهِم يَقُولُونَ رَبَنَا اغفِر لَنَا وَلإخوَانِنَا الّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَان وَلاَ تَجعَل في قُلُوبِنَا غِلاً لِلّذِينَ ءَامَنُوا رَبَنَا إنّكَ رَءُوفٌ رّحِيم ).
6- حُسن الظن وحمل الكلمات والمواقف على أحسن المحامل:قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ).قال عمر رضي اللـه عنه: لا تحمل أخاك على المحمل السيئ وأنت تجد له في الخير سبعين محملاً.
7- إفشاء السلام: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي اللـه عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللـه صلى اللـه عليه وسلم : ] لاَ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا. أَوَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ ؟ أَفْشُوا السَّلاَمَ بَينَكُمْ [ رواه مسلم.
قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي اللـه عنه : ثلاث يصفين لك ود أخيك تبدؤه بالسلام إذا لقيته وتوسع له في المجلس وتدعوه بأحب أسمائه إليه.
8- محبة الخير للمسلمين: عَنْ أَنَسٍ رضي اللـه عنه عنِ النَّبِيِّ صلى اللـه عليه وسلم قَالَ : ] وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُحِبَّ لِجَارِهِ - أَوْ قَالَ لأَخِيهِ - مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ [ رواه مسلم.
ومن محبة الخير للمسلمين الدعاء لهم.
- قال ابن القيم: فكما يحب أن يستغفر له أخوه المسلم كذلك هو أيضا ينبغي أن يستغفر لأخيه المسلم فيصير هجيراه – أي ديدنه - ( رب اغفر لي ولوالدي وللمسلمين والمسلمات وللمؤمنين والمؤمنات ) وقد كان بعض السلف يستحب لكل أحد أن يداوم على هذا الدعاء.
- وسمعت شيخنا-ابن تيمية- يذكره وذكر فيه فضلا عظيما لا أحفظه وربما كان من جملة أوراده التي لا يخل بها وسمعته يقول أن جعله بين السجدتين جائز. ا.هـ
· الـقـلب السـليـم:
- قال ابن العربي: لا يكون القلب سليماً إذا كان حقوداً حسوداً معجباً متكبراً وقد شرط النبي صلى اللـه عليه وسلم في الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه .ا.هـ.
- وسئل ابن سيرين رحمه اللـه تعالى ما القلب السليم ؟ فقال : الناصح للـه في خلقه.
- قال شيخ الإسلام: فالقلب السليم المحمود هو الذي يريد الخير لا الشر، وكمال ذلك بأن يعرف الخير والشر، فأما من لا يعرف الشر فذاك نقص فيه لا يمدح به .
9- ترك الاستماع للغيبة والنميمة والإنكار على مرتكبهما،حتى يبقى قلب الإنسان سليماً.
· صـور رائـعـة من سلامة الصدر:
- قال الفضل بن أبي عياش: كنت جالسا مع وهب بن منبه فأتاه رجل فقال : إني مررت بفلان وهو يشتمك . فغضب فقال: ما وجد الشيطان رسولا غيرك ؟ فما برحت من عنده حتى جاءه ذلك الرجل الشاتم فسلم على وهب فرد عليه ومد يده وصافحه وأجلسه إلى جنبه .
- قال سفيان بن دينار: قلت لأبي بشير وكان من أصحاب علي : أخبرني عن أعمال من كان قبلنا ؟ قال : كانوا يعملون يسيرا ويؤجرون كثيرا . قلت :ولم ذاك ؟ قال : لسلامة صدورهم.
- قال زيد بن أسلم: دُخل على أبي دجانة رضي اللـه عنه وهو مريض وكان وجهه يتهلل فقيل له : ما لوجهك يتهلل ؟ فقال: ما من عملي شيء أوثق عندي من اثنتين.
أما إحداهما: فكنت لا أتكلم فيما لا يعنيني. وأما الأخرى: فكان قلبي للمسلمين سليما.