جميع مشاهد المباراة تكشف التفوق الأسترالي بدنياً وانهياره عند المنتخب السعودي انهار المنتخب السعودي في أربع دقائق ، وودع التصفيات الأسيوية في محطتها قبل الأخيرة المؤهلة لمونديال البرازيل 2014 .
تساقط بعض لاعبي الأخضر ، وترنح البعض الأخر ، فسلم المنتخب مفاتيح
المباراة في شوطها الثاني ، ومعها أمل البقاء في التصفيات إلى المنتخب
الأسترالي .
حدث كل هذا ظهر اليوم الأربعاء على ملعب ملبورن وانتهى بهزيمته أمام
أستراليا بأربعة أهداف بعد أن كان متقدماً بهدفين لهدف، وجماهير الأخضر في
السعودية وخارجها تضرب كفاً بكف ، دون أن تجد الإجابات عن أسباب هذا
الانهيار الذي شابه ظروف عدم تأهل منتخبها للمونديال السابق في جنوب
إفريقيا .
فبالرغم من السيناريو الدراماتيكي الذي ودع به المنتخب السعودي التصفيات
الأسيوية اليوم أمام أستراليا ، إلا أن المتابع لمشواره منذ أن خرج من نفس
التصفيات الماضية على يد البحرين والكوريتين الشمالية والجنوبية ، مروراً
بالمحطات التي تنقل بينها في هذه التصفيات حتى اختتمها اليوم بالخسارة
برباعية وإعلان خروجه من المنافسة رسمياً .. المتابع لكل هذا المشوار يدرك
أن المنطق لعب دوراً كبيراً لإبراز خطايا الكرة السعودية ، ورفض الحظ أن
يقف بجانبها في كثير من الأحيان ، لتقف أسباب التهاوي الكروي السعودي عارية
أمام الجميع ، نستعرضها منها ست نقاط تالية :
- التبديل الأول الذي أجراه مدرب المنتخب السعودي فرانك ريكارد عندما أخرج
أحمد الفريدي وأشرك بدلاً منه أحمد عطيف .. كان سلبياً ، حبث كان من الأفضل
أن يشرك بدلاً من لاعب وسط يملك مقومات دفاعية ليدافع على تقدم المنتخب
بهدفين لهدف ، كما أن أحمد عطيف يقوم بنفس دور صانع اللعب محمد الشلهوب ،
الأمر الذي أفقد المنتخب إمكانية الاستفادة باشراك لاعب وسط مدافع ،
فتضاعف الحمل والجهد على لاعبي الإرتكاز تيسير الجاسم وسعود كريري .
- التبديل الثاني لريكارك والذي جاء على حساب المهاجم ناصر الشمراني الذي
كان يقوم بدور قاطرة الفريق نحو ملعب استراليا ، كما أنه نجح في إقامة محطة
هجومية قوية تقف عندها الكرة لتمنح المنتخب فرصة تحسين موقفه الهجومي
بالمساندة المدروسة .. وأشرك بدلاً منه المهاجم ياسر القحطاني الذي يميل
أداءه للبطء ويعتمد على التعامل مع الكرات من داخل منطقة جزاء المنافس دون
العمل الشاق على أطراف الملعب .
هذان التبديلان أفرغا المنتخب السعودي من قدرته على الاستحواذ الذي كان
يتمتع به في وسط الملعب ، وحرمه من التواجد لفترات أطول في ثلث الملعب
الدفاعي للمنتخب الأسترالي .. فانعكس ذلك سريعاً لصالح استراليا الذي
استحوذ على وسط الملعب ، واستراح خط دفاعه من إزعاج الشمراني وسرعته ، وبدأ
لاعبوه في تنفيذ عملية المساندة الهجومية من الخلف ، فتراجع الأخضر للدفاع
ومكافحة هذا الزحف الجماعي .
- إعتماد فلسفة ريكارد الهجومية على الدفع بحسن معاذ المدافع الأيمن ليقوم
بدور الجناح المهاجم ، دون أن يوجد من يقوم بتغطيته على الجانب الدفاعي ..
ولعل الهدفين الثاني والثالث للاسترالي كشفا هذا الشرخ الكبير في جدار
الدفاع السعودي من خلف معاذ .
- خلال أربع دقائق تلقت شباك وليد عبدالله ثلاثة أهداف ، ما يعني النقص
الكبير في عامل الخبرة والقيادة بين صفوف المنتخب السعودي، وكذلك تقصير
الجهاز الفني في قيامه بعملية التوجيه وتجديد الدافع لدى اللاعبين .. ولعل
خصوصية التعامل مع الدقائق اللاحقة لإستقبال الفريق أو تسجيله لهدف ، هي من
أبجديات كرة القدم في المنافسات الجادة .
- المعسكر الطويل الذي اقامه المنتخب السعودي في مدينة ميلبورن الإسترالية
، جاء بقرار خاطيء ، فطول مدة البقاء في مدينة المباراة، يستنفذ روح
التحدي من اللاعبين ، ويسرب لنفوسهم حالة من الرضى والانبهار بالبلد المضيف
.. وهذا ما وضح في اللقاء الذي غابت عنه رغبة المنتخب السعودي الجامحة في
تحقيق الفوز .
- هناك عوامل متراكمة ولم تجد من يعالجها، منها الاعتناء بمعدل اللياقة
البدنية الذي يقاوم الضغط البدني والنفسي في مثل هذه المنافسات ، وكذلك
التفوق البدني للاعب الاسترالي ، مما يجعله الفائز في أغلب مواقف اللعب
التي تشهد إلتحامات واندفاع بدني سواء في الهواء أو على الأرض .
** المسلم به أن الأخضر خرج من التصفيات الأسيوية ولن يصبح ممثلاً للكرة
العربية والأسيوية في مونديال البرازيل .. والواقع يقر بأن الكرة السعودية
ودعت اليوم جيلاً فشل في المحافظة على شعلتها مضيئة في القارة الصفراء ،
والحقيقة الدامغة تكمن في أنها تملك حالياً جيلاً من المواهب الواعدة
والقادرة على التغريد بالأخضر من جديد لأكثر من مونديال .. بشرط الخروج
بهذا الجيل من دائرة الانتصارات الباهتة ، والسعي وراء الاحتكاك الحقيقي مع
كل من يلعب كرة قدم حقيقية ومن شأنه أن يضيف للأخضر .. لا أن يفتح مرماه
أمام لاعبيه لتحقيق فوزاً يؤخر ولا يقدم خطوة نحو العالمية.