ألقاب النساء والرجال..قديمًا
كانوا يقولون: المرأة السبحلة، أي التي زاد وزنها ولم تفقد جمالها،
والوضيئة، أي التي بها مسحة من الجمال، والدعجاء، واسعة العينين مع السواد،
هي ألفاظ وجدت في المعاجم العربية وكانت تنصَبُّ على صفات الشكل، ولكن
صفات هذه الأيام باتت تطال الطباع والحركات بألفاظ مركبة تحولت إلى ألقاب،
ومالت لأن تكون حجارة يتراشقها الرجال والنساء، فكل يريد أن يثبت التهمة
على الآخر لينال ويسخر منه، حتى باتت جلسات النساء والرجال خصوصًا عبر
الإنترنت، لتأليف هذه الألقاب، ووصل الأمر بهم إلى حد المنافسة، فما الذي
يدعوهم لذلك؟ الفراغ، أم الغيرة، أم البحث عن مواقف مضحكة؟
عندما
أطلق الزميل الكاتب عماد الدين أديب، «قاموس الرجل الجديد» من خلال مقالة
له في «الشقيقة» الشرق الأوسط، جاءت فكرة هذا الملف، غير أن الزميل أديب
توقف في مقاله عند ألقاب الرجال فيما تساءلنا في اجتماع التحرير: ماذا عن
ألقاب النساء؟
وبما أنه ما من امرأة أو فتاة، خليجية تحديدًا، حسب
قول الروائي والفنان التشكيلي السعودي أحمد الملغوث، تمشي في المول إلا
وتتكلم في الموبايل، وهذا أمر يغيظ الرجال، أطلقوا عليها لقب «مبمب»، فيما
«الفسفس» هي التي تتواجد باستمرار على (الفيسبوك)».
فيما كان اللقب
سبب طلاق موكلة محمود شعبان، محامٍ مصري، فأثناء جلسات الصلح، نعتها الزوج
بفتاة «أوكشة»، أي سمعتها سيئة، فتمم القاضي الطلاق وألزم الزوج بدفع كل
نفقاتها.
أما ماهر يوسف، مدرّس لبناني، فيعتقد أن الألفاظ، التي
يتناقلها الرجال تتضمّن ألغازًا لا تفهمها النساء، ومرة كان مع فتاة في
مطعم وجاء صاحبه، وغمز له ليعرف رأيه بها، فقال له: «الموضوع طلع فالسو»
(أي أن الفتاة غير مناسبة لي) يعلّق ماهر: «لا أظن أنها فهمت قصدي».
لكن
المحامي سعد العيضة، من السعودية، ينسب نعت النساء بالألقاب إلى السخرية،
يوافقه الرأي صديقه أحمد البندري، مهندس، فالزوجة «دورية»، خاصة عندما تقطع
مجلس زوجها باتصال، فيما يتذكر ماجد محمد، موظف سعودي، كيف يطلقون على بعض
زميلاتهم في العمل لقب الـ«البنت الفاصلة»، وهي التي تتحدث بطريقة غير
مفهومة فيما يخص العمل.
حتى النساء يجدن متعة في ابتكار ألقاب تخص
مثيلاتهن، وهذا ما ضايق سهام عواطف، مديرة مؤسسة، مغربية، من صديقتها
المتخصصة في ابتكار ألقاب الاستهزاء، عندما أطلقت عليها لقب «الهركاوية»؛
لأنها تحب السندويشات، حتى أن أحدًا لم يعد يذكرها باسمها، تعلّق سهام:
«وضعت حدًا لعلاقتي بها تفاديًا للأسوأ».
والظاهر أن لكل بلد ألفاظه
التي يعيش واقعها، فشباب فلسطين يلقبون النساء بأصوات الطائرات التي
يسمعونها من غارات الإسرائيليين، وهذا ما نقله لنا معتز عاشور، طالب ثانوي،
مثل «صاروخ» و«قلق» و«إف 16» وهو اسم طائرة حربية، ويعتبرها ألقابًا خادشة
للحياء.
ويكون لقب «بالون» للمرأة البدينة، بداية لمشاكل كثيرة في
فلسطين قد تصل إلى العراك، حتى لو انفجرت بالونة بحق، كما تقول سرفين عمر،
ربة منزل، ونادى طفل في الشارع «انفجرت البالونة»! تستدرك: «أما لقب سمكة
فيطلق على الفتاة المتواضعة الجمال، وقد تسبب أحدهم بمشكلة حين نادى فتاتين
تمشيان معًا: مزة وسمكة، فضحكت إحداهما وبكت الأخرى وتعثرت في حجر».
فيما
تذكرت لجين، طالبة سورية، جارتها التي يطلقون عليها لقب «المعتة» نسبة
لحشرة العت التي تفسد الملابس والمفروشات، تستدرك لجين: ذات مرة ناديتها
«الخالة المعتة»، فشكتني لوالدي، الذي عاقبني بطريقة لا أنساها إلى اليوم.
ثورة
الموبايلات، دعت الشباب إلى ابتكار كلمات مأخوذة من تراتب أحرفها، فكلمة
«جغلة»، وهي الأحرف الموجودة إلى جانب رقم خمسة حسب ترتيب أزرار الموبايل
وتطلق على الشابة الجميلة في سوريا، حسبما أخبرنا الطالب مراد بدلي،
ويتابع: «عندما نصف بنتًا بأنها «مكنسلة» أي أنها لا تحب التعامل مع من
حولها.
فيما رفض صديق هيثم الشنواني، مصمم شبكات بمصر، خطبة فتاة
حين سمع بعض الأصدقاء يسألونه عنها ولقبوها بالبنت «الأوجو» أي السهلة
المنال من الشباب، وقال: «أنا قفل آه، بس مش راجل منفض الجمجمة».
اشتهر
الفنان السوري الراحل ناجي جبر بألقابه عن الرجل الذي لا فائدة منه بأنه
«ناكت وبلا طعمة»، وتروي ياسمين أحمد، طالبة سورية، كيف تنتشر بينهم في
الكلية جملة الدكتور «المدجون» نسبة إلى الـ«دون جوان» أي الأنيق في
تصرفاته الجاذبة للفتيات. وعندما اتصل محمد عيّاش موظف لبناني، بزوجته،
وسألته عن حاله، أجاب على الفور دون أن يستوضح الصوت «مأرفش» أي متعب
كثيرًا، وعندما ضحكت علم أن صديقتها هي من أجابت؛ لأن زوجته كانت في
الاجتماع...
ضحكت أمل سمير، ناشطة سياسية، مصرية، وتذكرت جارهم الفت
-بكسر الفاء- «الذي يفتي في كل الأمور بدون علم»، وتابعت: «هناك الرجل
التوتة أو البسكوتة وهو الرجل الناعم حبيب ماما، وسبق ورفض الزواج وعندها
علمنا أنه وحيد أمه؛ لأن لقبه بسكوتة».
وقد تسبب لقب مستر «سجق»
بطرد زميل أحمد رياض، من مصر، من عمله في المطعم، حين اعتقد أنه الاسم
الحقيقي للمدير، وقد لقبه به العاملون لأنه دائم العصبية. فما كان منه إلا
أن ناداه به.
تشترك النساء برأي رشا محيو، مرشدة سياحية
لبنانية، بألقاب يطلقنها على الرجال، فيقلن مثلاً هذا الرجل (عنيف) أي أنه
قادر على تحمّل المسؤولية، وعادة تواجه الرجال بصفاتهم، كما تقول، وتشترك
معها صديقتها نوال ياسين بالرأي، التي تخترع ألفاظًا تستخدمها في الإنترنت
لتصف بها الرجل مثل «هذا الشاب متلّت» أي أنه لا يستوعب شيئًا، أو أنه
(مصدّي) أي عنده خبرة طويلة في الحياة.
وعندما قررت زيزي مراد،
طالبة في كلية الألسن بمصر، هي وصديقاتها أن يرفعن من معنويات صديقهن
فأقنعنه بأنه رجل (مز) أي مرغوب فيه، وأنهن يتشاجرن لأجله، تتابع زيزي: «لا
ندري إن كان صدقنا فعلاً، أو أراد أن يلعب اللعبة نفسها معنا؛ لأنه ذهب مع
والدته لكي يخطبنا نحن الأربعة»!
وكم كانت المفاجأة كبيرة، عندما
اكتشفت لبنى نديم، مهندسة ديكور مصرية، أنها لا تحمل محفظة نقودها، لدفع
حساب دعوة زملائها إلى مطعم، فطلبت من زميلتها إقراضها دون أن يشعر
الآخرون، ولكن الأخرى كانت لا تحمل نقودًا ولما طلبتا من صديقهما، رفض دفع
الحساب، وقال: «أنتم من دعاني للغداء»، فتذكرت لبنى ما يطلقه زملاؤهم عليه
في العمل «راجل الجنيه» أي عندما يدخل جيبه نقود لا ترى النور.
وبينما
لا تهتم رائدة عثمان، مسؤولة تسويق، في السعودية، بالألقاب، فالرجل
بالنسبة لها هو من يقول ويفعل، ترى أمينة الكريم طالبة جامعية سعودية، أنه
أمر محتوم، فشقيقها لا يغادر «البلاي ستيشن» الخاص به ولا يكترث لأي شيء في
المنزل وهو خير من يطلق عليه لقب «المنفض». في حين ترى والدها «إكس لانس»؛
لأهمية وجوده في البيت.
في الإمارات، يكثر الكلام عن الرجل
«الكاشخ»، حتى اقترن اللقب بالشباب الإماراتي، الذي لا يستغني عن غترته
وعقاله وعطره الأخاذ في أي وقت، وسابقًا كان يقال عنه رجل «كشخة» عندما
يتكشخ لمرة واحدة مثلا في العيد، ولكن هذه الأيام كلها باتت أعيادًا
بالنسبة له، تعلّق المحامية الإماراتية خديجة الخنبولي «لا تكشخون وايد..
ترى البنات يغرن منكم».
الرجل المكربج كما تقول نور رمضان، موظفة،
هي صفة تقال في سوريا للرجل عندما يبدأ بالوقوع بالغلط، وهي مأخوذة من كلمة
«كربج»، وتطلق على المحركات عندما تتعطل وتحتاج لإعادة تأهيل ولف من جديد.
تتابع: «مرة أردت شراء مواد تموينية للمنزل من أحد المحال، حيث رد صاحب
المحل بشكل عصبي فقلت له أنت اليوم مكربج فغضب وطلب مني مغادرة المكان»!
ولكن
ماذا تقصد الإماراتية عندما تقول: «تزوجت من رجل زكرتي»؟ ففي بلاد الشام
الزكرتي هو الشهم، ولكنها في الإمارات، حسب قول مريم الشحي من المفوضية
الكشفية في رأس الخيمة، تعني الفتى اللعوب والجميل، المرغوب من الفتيات،
تعلّق مريم: «هناك لقب داحي وهو الرجل الكسول».
ثم تذكرت فاطمة
العرجان، موظفة بمؤسسة نسائية في عجمان، جارهم في الفريج، ويطلقون عليه لقب
«بطالي»، أي الذي يكسب رزقه عن طريق غير مشروع، و«مصركع» وهو خفيف العقل.
وفيما
يطلق أيضًا في دمشق لقب «مزعبرجي»، على الرجل الكاذب، نرى ما يشبه هذا
اللقب في الإمارات، حسبما قالت بسمة خميس أبو بكر، مهندسة، حيث يطلقون على
الرجل لقب «زعبري»، إذا كان كثير الكلام، يقوم بأعمال غير طيبة تخالف أعراف
الناس، تستدرك بسمة ضاحكة: «حينما نقول لأحد أقاربنا زعبري فيقول أنا مش
عبري أنا عربي متظاهرًا بعدم فهمه للكلمة التي تمسه».
الشارقة
تحديدًا هي موطن ألقاب الرجال، حسب قول محمد قاسم، موظف في الإمارات، حيث
يلصق لقب «بطيني» بالرجل الشره أثناء تناوله الطعام..
فيما يؤكد على
الخاطري، موظف إماراتي، في وزارة المالية، أن هذه الألقاب ليست عصرية بل
متوارثة، مثل «ذرب» أي خصاله حميدة، يستدرك: «أحد الرجال في المجلس أراد أن
يحمد آخرًا فقال له أنت «ذرب» وعندها تعالت ضحكات الحاضرين»، وتذكر
عبدالله الهاجري، موظف إماراتي لقب «زغيوي» للرجل الذي يخدع الناس بكلامه
المنمق!
رجل «منشار» تعبير شائع في سوريا، وتطلق على من يتلقى
الرشوة، كما يخبرنا جوزيف قاروط، طالب، يعلّق: «غالبًا ما يطلقونها على بعض
رجال المرور والشرطة والجمارك».
فيما «أبو شلاخ» هو الكذاب، حسب
قول المحامي الإماراتي عبيد المفتول، أما قليل الحظ المنحوس، فهو «الأكرد»،
يعلّق المفتول: «كذلك تطلق على الرجل الذي لا ينبت الشعر في وجهه».
وحين
يقيم ابن بلده محمد عبدالله، موظف، مأدبة إفطار مع زملائه، وينسحب زميل من
المشاركة، هذا يطلقون عليه لقب «برصيص» وهو البخيل المقتدر، يعلّق محمد:
«هذه الصفة قد تلازمه دائمًا وبعض الزملاء يستخدم هذا اللقب حينما يتحدث مع
زميل له ويقول له أنت برصيص أي بخيل».
فيما يعتبر الفنان المغربي،
عبد الخالق فهيد، ألذع لقب للرجل هو «بابا عجينة»، أي ضعيف الشخصية، ورغم
ميل فهيد للمرح، لكنه لا يسمح لأحد مهما كان شأنه أن يفقده احترامه.
هناك
نوع من المنشطات يتم تهريبه إلى غزة اسمه «ترامال»، وقد علق في ذهن طلعت
الشاعر، طالب فلسطيني، لقب رجل مترمل، لمن يتعاطاها، وإن كان مدمنًا على
المخدرات فهو «مصهلل».