إليزابيث أروت
ترجمة يوسف الدازيارتبط اسم اليمن في أذهان الكثيرين بصراعاته السياسية وخلافاته القبلية، لكن خلف تلك الصورة النمطية توجد حضارة وأسلوب حياة عريقان.
وقد لا يكون اليمن أنسب مكان بالنسبة لزوجين أميركيين للاستقرار وبناء منزل
بسبب الظروف السياسية والأمنية التي يمر بها، إلا أن كيت وستيفن ستاينبيزر
كسرا تلك القاعدة، واختارا بناء منزل تقليدي مصنوع من الطين المحلي وصديق
للبيئة يعكس التراث المعماري اليمني.
و
في حديث إلى إذاعة "صوت أميركا" حكى
ستيفن عن بداية مشروع البناء قائلا "عندما بدأنا أعمال البناء سخر منا
جيراننا الذين يملكون منازل إسمنتية عصرية"، مشيرا إلى أنهم كانوا يقولون
"هذا الأجنبي الوافد الجديد على الحي لا يدرك ما يفعل".
وما جعل التجربة أكثر إثارة هو إصرار الجار الأميركي الذي يعمل مديرا
للمعهد الأميركي للدراسات اليمنية في صنعاء، أن يعيد الاعتبار في هندسة
المنزل للثقافة اليهودية كوجه من ثقافة اليمن وحضاراته المتعددة.
وقام ستيفن بتعيين المهندس المعماري عبد الله الحضرمي لتولي تلك المهمة.
وفي هذا الإطار، تحدث ستيفن عن أحد مظاهر احترام الحضرمي لشرط الأصالة في
عملية البناء فقال "عملية البناء كلها تمت بشكل يدوي، فمثلا قام ثلاثة عمال
بتقطيع 2240 صخرة لتصبح على شكل قطع من الطوب المتراصة".
وقال إن العمل تميز بدقة وحافظ على كافة التفاصيل المتعلقة بعملية البناء
والتجهيز، بشكل عكس أصالة فن العمارة اليمنية التقليدية، من بينها استخدام
الأقفال المستعملة في أبواب المنزل ذات الصناعة اليدوية. وتابع أن "هذا
نموذج مبسط لقفل تقليدي فهنا في الحقيقة يوجد مزلاج خفي يتيح لهذا الطرف من
القفل أن ينزل من أعلى وبالتالي أن يفتح الباب، فاليمنيون أذكياء في صناعة
الأقفال".
لا شيء غير يمني في منزل ستيفن وكيت، فحتى غرفة ما تعرف بـ"المفرج" التي يخصصها اليمنيون عادة لاستهلاك القات موجودة في هذا البيت.
غير أنه قال "لا نستخدم الغرفة لاستهلاك القات، لكن غالبية اليمنيين يقومون
بذلك، الأساسي بالنسبة لنا في هذه الغرفة أنها في قمة المنزل ومحاطة
بالنوافذ مما يتيح لنا مشاهدة المدينة".
وعندما قرر ستيفن بناء منزل في اليمن، أصر أن يكون صديقا للبيئة وأن يستجيب
لطقس اليمن الحار، ووصف إحدى الغرف فقال "هذه الغرفة هي أبرد غرف المنزل،
خصوصا في فصل الصيف والسبب في ذلك هو البناء الذي يعتمد على الطين، فهو نوع
من العزل الذي يحافظ على درجة حرارة معينة بشكل ثابت".
وليس "التكييف الطبيعي" العنصر الإيجابي الوحيد لفن العمارة بالطين بل كذلك
حماية منزل ستيفن من الرصاصات الطائشة التي تعج بها شوارع اليمن حيث تنتشر
قطع السلاح غير المرخص.
وبهذا الصدد قال "يطمئنني أصدقائي اليمنيون بالقول إذا قدر وأصابت رصاصة
جدران المنزل فلن يكون أمرا كبيرا فهي اخترقت الطين فقط، وكل ما تحتاجه هو
أن تقوم بترقيعه مجددا".
وقال "عندما شاهد جيراني اليمنيون شكل المنزل النهائي أحبوه نظرا لما يعكسه
من فن العمارة في اليمن وكذلك احترامه لموروثهم الحضاري ولبراعتهم".
لليمن أصدقاء كثر لكن قلة منهم قرر البقاء خلال فترات الأزمة ومنهم ستيفن
الذي يمثل منزله الآن دليلا على تفرد المعمار اليمني وعراقته.