الوحم ظاهرة نفسية وليست مرضية حسب الأطباء
حامل تتلذذ بالشرب من "إناء الكلب" وأخرى توحّمت على ماء البحر

يأكلن التراب والفحم، يشربن ماء البحر والمجاري، يمقتن أزواجهن وأبناءهن...
هي ظواهر مثيرة للدهشة تصيب كثيرا من الجزائريات في فترة الوحم. فرغم تعدد
التفسيرات، لم يجد العلماء تفسيرا علميا لظاهرة الوحم، فـصار بمثابة اللغز
لديهم، وأصبح "الغول" الذي يحل ضيفا على بعض الأسر ويهدد راحة الأزواج
الأبناء.

احتار الأطباء في فهم ظاهرة الوحم التي تصيب الحوامل، وتجعلهن يقبلن على
سلوكات غريبة، فيشتهين أكل أشياء غير طبيعية، يكرهن ألوانا وروائح معينة.
وبعضهن وجدت نفسها مطلقة، بعد ما ضاق زوجها ذرعا من تصرفاتها. وكثير من
الجزائريات يشتهين أثناء الوحم أكل الفحم، التراب، الطبشور، عيدان الثقاب
المحروقة والطين.. فلا تستغرب اذا رأيت حاملا تتلذذ بأكل الطين والوحل،
وتعتبره أحلى من الشوكولاطة!! هي حقيقة وقفنا عليها في حديثنا مع متزوجات
عن الظاهرة. (ن) من العاصمة في الثلاثينات من عمرها تقول "كنت أتلذذ بصورة
غريبة بأكل الوحل الذي تخلفه الأمطار، ورغم تسببه لي في إمساك شديد، لم
أمتنع عنه الا بعد الولادة". وحاملات يشتهين تناول مواد غذائية مخلوطة
بأخرى لا تتناسب معها، مثلا القهوة بالثوم، الشوكولاته بالمايونيز.

حامل تتلذذ بالشرب من "إناء الكلب" وأخرى توحمت على ماء البحر

ومن قصص الوحم الغريبة، هي لسيدة تقطن بزرالدة توحمت على ماء البحر، فبحكم
قرب مسكنها من الشاطئ كانت تملأ قارورات، وتشرب كميات كبيرة في ظرف ثوان،
دون أن يصاب مولودها الجديد بمضاعفات. وامرأة تقطن بالبليدة اشتهت أثناء
وحمها لحم الخروف، ولأن زوجها فقير الحال وكان يملك فقط نعجة وخروفا،
استغلت المرأة خروج الزوج وحملت سكينا وطعنت به النعجة في رقبتها. وتبقى
أغرب قصة سمعناها، والتي ستثير استغرابكم واشمئزازكم، هي لحامل أخبرتنا
قريبتها أنها توحمت على "الماء الذي يشرب منه الكلب" أكرمكم الله، فتخيلوا
أنها كانت تنظر إلى الكلب الذي يملكونه، أثناء لعقه الماء من الإناء المخصص
له، وعندما ينتهي تحمل المرأة الإناء وتشرب الماء المتبقى، ومع ما يثيره
الأمر من اشمئزاز للنفس، كانت تجد فيه السعادة. وفي هذا السياق، يحذر
الأطباء من خطورة تناول مواد غريبة على صحة الحامل، لأنها تسبب مصاعب في
امتصاص الطعام وهضمه، لعدم تعود المعدة على هذا الأكل.

نساء يطلقن بسبب الوحم وأخريات يصبن بالجنون

وهناك حوامل يعشقن مواضع من جسدهن، وهو حال واحدة من ولاية تيبازة كانت لا
تمل من النظر إلى ساقيها، حيث تتمدد على ظهرها وترفع ساقيها عاليا وتنظر
اليهما لساعات طويلة. ومع غرابة هذه التصرفات، يتقبلها الأزواج، لكنهم
يثورون وقد يطلقون عندما يصل سلوك الحامل حد إثارة المشاكل، وعن هذا
أخبرتنا محامية من ولاية المدية، أن شابة من العاصمة تزوجت في منطقة نائية
بولاية المدية، وكانت سعيدة في الأيام الأولى من زواجها، وبعد أشهر، أصبحت
تثور لأتفه الأسباب في وجه والدة زوجها التي تعيش معها، ووصل بهما الأمر
إلى تبادل الضرب، وهو ما لم يتقبله الزوج، وأرجع عروسه لمنزل والديها،
رافعا ضدها دعوى طلاق. وبعد أيام تبين أن العروس كانت حاملا، ومع ذلك لم
يغفر لها زوجها، خاصة لمّا خيّرته والدته بينها وزوجته، وتطلقت الشابة رغم
إنجابها ولدا. أما (س) من العاصمة، أم لطفلين، عاشت أصعب فترات حياتها
أثناء الوحم، حيث تملكتها حالة اكتئاب شديدة، جعلتها تهيم في الشوارع مثل
المجنونة، ورغم عرضها على الرقاة والأطباء، لم تتحسن الا بانتهاء فترة 4
أشهر من حملها، وعاشت الحالة نفسها في حملها الثاني.

وهناك من تكره أبناءها، تقول سيدة أخرى "صرت أكره ابنتي ذات الثماني سنوات
أثناء حملي، فيزعجني صوتها وتصرفاتها وتصيبني رؤيتها بالعصبية، فأصبحت
أوبخها لأتفه الأسباب، لدرجة أصبحت نفسي تحدثني بقتلها، ولا أرتاح الا
بإرسالها لوالدتي"، الأمر كاد يصيبها بالجنون، ما جعل زوجها يعرضها على
طبيب نفساني، طمأنها بأنها حالة عادية تصيب كثيرا من الحوامل، ورغم تحسن
حالتها بعد الولادة، إلا أن الأم أصيبت لاحقا باكتئاب شديد، بعد ما أنبها
ضميرها لفعلتها مع ابنتها.

ويشكو كثير من الأزواج طباع زوجاتهم أثناء الوحم، بعد ما ينفرن منهم. فكل
ما له صلة بالزوج يثير الغثيان من ملابس ورائحة، وحتى لون السيارة، فـ
"سعاد" من العاصمة ماكثة بالبيت، كرهت اللون الأخضر لسيارة زوجها وأصبحت
تتجنب ركوبها وتشعر بالغثيان كلما رأتها!!

"العلاقات الزوجية السعيدة تنعدم فيها أعراض الوحم الغريبة" حسب المختصين

يؤكد الأطباء بأن الوحم أسبابه نفسية محضة ويختلف باختلاف المجتمعات، لأن
نصف الحوامل، خاصة بالدول الغربية لا يصبن بأعراضه، لأن الثقافة والمستوى
التعليمي والمعيشي حسب مختصين يؤثر في نفسية الحامل. و ن العوامل التي تنتج
السلوكات الغريبة، خوف الحامل من عملية الولادة، ومن مسؤولية تربية الإبن،
فيتهيج جهازهن العصبي، وعليه ينصح الأطباء بعلاج الحامل نفسيا قبل منحها
الأدوية، كما ينصحونها بشغل وقتها بلقاءات العائلة والأصدقاء، القراءة
ومشاهدة التلفزيون، ممارسة الرياضة الخفيفة، القيام بنزهات في الحدائق
وشواطئ البحر. ويفسر علماء النفس الطلبات الغريبة للحامل، بأنها نتيجة
حرمان عاطفي عاشته المرأة في الطفولة، أو أنها طريقة لجذب انتباه الزوج
الذي كان لا يهتم بزوجته قبل حملها، وهوما يفسر حسب المختصين انتشار
السلوكات الغريبة للحامل بالمناطق الريفية والأحياء الشعبية، انخفاضها
بالمدن. وحسبهم كلما كانت العلاقة بين الزوجين فيها محبة قلّت أعراض الوحم،
وكلما زاد المستوى الثقافي للزوجة قلّت طلباتها المادية، لكن أطباء آخرين
يرون أن الوحم حالة يعبر بها الجسد، عن احتياجه لنوع محدد من الفيتامينات
أو العناصر الغذائية التي يحتاجها، ما يجعل المرأة تشتهي تلك الأشياء التي
بها تلك العناصر. ومن جهة أخرى ينفي الباحثون، وجود علاقة للشامات أو ما
نسميه "التوحيمة"، التي تظهر على جسد المولود مثل رسم حبة كرز أو تفاحة
وغيرها، مع الوحم.