أول صاروخ ايرانى يهز تل ابيب و 3 الاف قتيل وخسائر بالملايين
بعد انباء ترددت على موقع التواصل الاجتماعى "الفيس بوك" عن قيام ايران
بضرب اول صاروخ متجهاً الى تل ابيب رداً على تصريحات رئيس الوزراء
الاسرائيلى عن تحريك الاسطول البحري الى ايران لضرب بعض المواقع الحيوية
التى تستخدمها ايران لصنع الاسلاحة النووية.
تكاثفت سُحبُ الحرب في المنطقة. فهناك من جهةٍ المناوراتُ لثلاثين دولةً في
الخليج بزعامة الولايات المتحدة. وهي تمثّل تحذيراً لإيران إن تحركت أيَّ
حركةٍ غير ملائمة تجاه مضيق هرمز. وهناك التصريحات الإيرانية اليومية من
جانب قادة الحرس الثوري والتي تهدّد إسرائيلَ بالزوال إن اعتدت على إيران،
والولايات المتحدة بفقد المنطقة كلّها إن هدَّدت أمن إيران في الخليج.
ويضيف "الحرس الثوري" لذلك التهديد بقدرات "حزب الله" إن جرى الاعتداء على
"الجمهورية الإسلامية". وما قصّر الأمين العام لـ"حزب الله" في خطاباته
خلال الشهرين الماضيين في التهديد بالنّيل من إسرائيل إن اعتدت (دون أن
يحدّد الجهة التي يتوقّع أن تعتديَ عليها إسرائيل!)، ومن ذلك احتلال الجليل
الأعلى وليس الوصول بالصواريخ إلى ما وراء حيفا وتل أبيب فقط! وانفجر
الموقف عند الأمين العام للحزب في خطابه الأخير، ثم في ظهوره مع
المتظاهرين، فهدَّد بشنّ حرب على الولايات المتحدة دفاعاً عن النبي
والإسلام!
ويبدو الكلام كلُّه لهذه الجهة دفاعياً، إذا أخذْنا بالاعتبار كلام نتنياهو
ووزير دفاعه خلال الأسابيع الماضية. فنتنياهو يبدو كأنما يُناطح إدارة
أوباما كلَّ الوقت لكي تسمحَ له بالإغارة على المنشآت النووية الإيرانية.
وكانت آخِرُ أفكاره: الاتفاق مع الولايات المتحدة على "خطوطٍ حُمْر" إن
تجاوزتها إيران فينبغي خوضُ الحرب ضدَّها. وما وافق الأميركيون على شيء من
ذلك حتى الآن، لكنْ هناك من يقول إنّ الإسرائيليين الذين صاروا جاهزين
للحرب على جبهتين، يمكن أن يفاجئوا أميركا والعالم بحرب يشنّونها على إيران
في أواخر شهر أكتوبر فتُضطرُّ الولايات المتحدةُ بقواتها الموجودة في
المنطقة للوقوف معهم!
ورغم كلّ تلك الجولات من الحرب النفسية بين الطرفين الإسرائيلي والإيراني،
فإنّ ما نُشر خلال الأيام الماضية في مجلة "ديرشبيجل" وجريدة "التايمز"
ينقل الصراع إلى أفقٍ آخر يجعله محتوماً. فقد روّجت الصحيفتان لأخبارٍ عن
اجتماعٍ سوري إيراني بشأن مستقبل الكيماوي السوري واستعمالاته، وهل يُستعمل
في سوريا أم يُعطى كلُّه أو بعضُه لـ"حزب الله"! وكان الغربُ قد أَنذر
سوريا بحرب حتمية إن حرَّكت الكيماوي في أي اتجاه. ولذا قيل إنّ هذه
الأخبار كانت سبب مجيء ديمبسي رئيس الأركان المشتركة إلى تركيا للتشاور في
خطورة الموقف.
إنّ كل تلك الأخبار، وبغضّ النظر عن مدى صدقيتها لها وظيفةٌ أو وظائف من
جانب إسرائيل وأميركا، ومن جانب إيران وحلفائها. فصدَّام حسين ما كان عنده
نووي ولا كيماوي، لكنّ سائر التقارير انصبّت على إثبات ذلك لتبرير الحرب
على العراق. لكن كما في حالة صدّام الذي لم يكن عنده نووي ومع ذلك كان يسلك
كأنّ ذلك عنده، فإن النظام السوريَّ يُصرّح بوجود الكيماوي ويقول إنه
سيستعمله في حالة حصول هجومٍ خارجيٍّ عليه. والخبر في الحالتين بغضّ النظر
عن صحته، له توظيفه. فلماذا يؤكد السوريُّ على وجود الكيماوي عنده، وعلى
قدرته على استخدامه؟ ولماذا يُهوِّلُ "حزب الله" كلَّ الوقت بقوته وقدراته
التدميرية، ويأتي قائد الحرس الثوري أخيراً- وهو قليل الكلام في العادة-
ليقول إنه يملك قوات أو وحدات من "فيلق القدس" في سوريا ولبنان؟
لقد قالت إيران دائماً إنها ستمنع إسقاط النظام السوري بالقوة، ولو أدى ذلك
إلى حرب. وهي تقول الآن إن فشل الغرب في القبول بتسويةٍ معها بشأن النووي،
سيعني أولَ ما يعني حرباً إسرائيلية سورية لبنانية. وبهذا المعنى فإنها
تقول إنّ النظام السوري يمكن بالتعاون مع "حزب الله"، ومشاركة إيرانية من
نوعٍ ما، أن يشنَّ حرباً على إسرائيل، أو أن يصمد لضربةٍ إسرائيليةٍ إنْ
كانت. ويعتبر الإيراني ذلك بمثابة حرب وقائية تحول دون إغارة الإسرائيليين
عليه. وهذا سيناريو مختلف عن السيناريو الذي يدفع "حزب الله" والنظام
السوري إلى الواجهة فقط إن شنت إسرائيل هجوماً على إيران.
لقد نجحت إيران بالفعل، ومنذ نهاية حربها مع العراق (1988)، أن تشنَّ عشرات
الحروب الصغيرة والمتوسطة، إنما بالواسطة. فقد شنّت حرباً على أذربيجان من
خلال أرمينيا. وشنّت حرباً على "طالبان" بواسطة "حزب الوحدة" الشيعي في
أفغانستان و"تحالُف الشمال" الطاجيكي، وأخيراً الولايات المتحدة. وشنّت
حرباً على العراق بواسطة الولايات المتحدة، والميليشيات الشيعية التي كانت
متحالفةً معها. وشنّت حرباً على إسرائيل بواسطة "حزب الله". وتحرشت بمصر
أيام مبارك بواسطة "حماس". وهي تتحرش اليوم بتركيا بوساطة الأكراد
والإثنيات التركية الأُخرى. وقد تعودت أن تحقّق أغراضَها بهذه الطريقة، إذ
يميل الغربيون وغيرهم إلى التفاوُض معها في النهاية، كما كانوا يميلون
للتفاوُض مع الرئيس الراحل حافظ الأسد بعد كل معمعةٍ بينهما وإنْ بالوساطة.
أمّا هذه المرة فإنّ الموضوع الذي من أجله يمكن أن ينفجر الصراع، موجودٌ
على أرضها. ولذا اتجهت الأنظار إليها. لكن منذ عام 1988 تطوف الحروب من حول
إيران لكنها لا تقع عليها. ولذلك قد لا يكون مستبعداً أن تقدر إيران هذه
المرة أيضاً على إزاحة الخطر عن كاهلها عبر حربٍ تقع في المشرق العربي
وتكون إيران هي الطرف الخفيُّ فيها!
لقد كانت طريقة إيران دائماً (قبل الثورة وبعدها) الدخول في نسيج
المجتمعات، واستقطاب بعض الفئات، بحيث تتحول تلك الفئة إلى مخلبٍ ضد خصوم
إيران وتدافع عن مصالحها، كأنما الفئة نفسها هي المعنية بالحرب والسلم وليس
إيران. وهذه السياسة ليست خاصةً بالجماعات الشيعية خارج إيران، بل بفئاتٍ
إثنيةٍ وسياسيةٍ ودينيةٍ مختلفة. فهي لم تنجح في استخدام الشيعة ضد النظام
العراقي في مطلع السبعينيات، فاستخدمت الأكراد. وبعد الثورة الإسلامية ما
استخدمت "حزب الله" فقط، بل استخدمت أيضاً "حماس"، واستخدمت في أفغانستان
"تحالف الشمال" غير الشيعي، كما تحالفت مع الأرمن ضد الأذربيجانيين. وهي
تستخدم اليوم العلويين في سوريا وتركيا. كما أنها استولت على جهاديي
"القاعدة" في فترة الظواهري الحالية. وفي الأسبوع الماضي، استخدمت في مدينة
طرابلس اللبنانية مجموعاتٍ سنية للاحتجاج على الفيلم المسيء للنبي محمد
صلى الله عليه وسلم عن طريق إحراق مطعم للوجبات الأميركية السريعة! فهل
تتمكن هذه المرة من استخدام بقايا النظام السوري و"حزب الله"، لكي تتجه
الحربُ إليهما، فتضرب عصفورين بحجرٍ واحد: تُضايقُ إسرائيل، وتضغط بهذه
الطريقة لتسوية مشكلتها مع الغرب بسبب النووي؟!
نتنياهو يريد الحرب بأي ثمنٍ للحفاظ على تفوق إسرائيل وتفردها بالنووي في
المنطقة. وإيران تريد هدفين: حفظ النووي، وحفظ مناطق النفوذ، فهل تقع
الحرب؟ والنظام السوري ما عاد يستطيع إيقاف الدولاب المتدحرج بمصيره، فهل
يدفعه اليأس وانسداد الأُفُق إلى إطاعة إيران في شنّ الحرب، إلى جانب "حزب
الله" المطيع لها في كل الأحوال؟ وإذا أخذنا بالاعتبار أنّ الحرس الثوري
موجودٌ على الجبهتين السورية واللبنانية، فلماذا لا تقع الحرب إن كان
الإيرانيون يريدون ذلك؟!