عن محمد بن إسماعيل ، عن سعدان بن مسلم ، عن أبي عمران ، عن رجل ، عن أبي
عبد الله قال : لما كان الليلة التي وعدها علي بن الحسين قال لمحمد : يا
بني أبغني وضوءا قال : فقمت فجئت بوضوء فقال : لاينبغي هذا فان فيه شيئا
ميتا قال : فجئت بالمصباح فاذا فيه فارة ميتة ، فجئته بوضوء غيره ، قال :
فقال : يا بني هذه الليلة التي وعدتها ، فأوصى بناقته أن يحضر لها عصام ،
ويقام لها علف فجعلت فيه ، فلم تلبث أن خرجت حتى أتت القبر فضربت بجرانها
ورغت وهملت عيناها ، فاتي محمد بن علي فقيل : إن الناقة قد خرجت إلى القبر
فضربت بجرانها ورغت وهملت عيناها ، فأتاها فقال : مه الآن قومي بارك الله
فيك فثارت ودخلت موضعها فلم تفعل قال : دعوها فانها مودعة ، فلم تلبث إلا
ثلاثة حتي نفقت ، وإن كان ليخرج عليها إلى مكة فيعلق السوط بالرحل فما
يقرعها قرعة حتى يدخل المدينة
وعن محمد بن أحمد ، عن عمه عبدالله بن الصلت ، عن الحسن بن علي ابن بنت
الياس ، عن أبي الحسن عليه السلام قال : سمعته يقول .
إن علي بن الحسين عليه السلام لما حضرته الوفاة اغمي عليه ثم فتح عينيه
وقرأ إذا وقعت الواقعة وإنا فتحنا لك وقال : الحمد لله الذي صدقنا وعده
وأورثنا الارض نتبوء من الجنة حيث نشاء فنعم أجرالعاملين ، ثم قبض من ساعته
ولم يقل شيئا .
روي أن علي بن الحسين عليه السلام حج في السنة التي حج فيها هشام بن عبد
الملك وهو خليفة فاستجهر الناس منه عليه السلام ، وتشوفوا وقالوا لهشام :
من هو ؟ قال هشام : لاأعرفه لئلا يرغب الناس فيه ، فقال الفرزدق وكان حاضرا
أنا أعرفه :
هــذا الــذي تـعـرف الـبـطحاء وطـأته والــبـيـت يـعـرِفُـه والــحـلُ والــحـرمُ
هـــذا ابـــن خــيـر عِــبـاد الله كـلـهـم هــذا الـتـقي الـنـقي الـطـاهر الـعلمُ
هــذا ابــن فـاطـمةٌ إن كـنـت جـاهله بـــجــدّه أنــبــيـا الله قـــــد خــتــمـوا
ولــيـس قـولـكم مــن هــذا بـضـائره الـعُـرب تـعـرف مــن أنـكرت والـعجم
كــلـتـا يــديـه غــيـاث عـــم نـفـعـهما يـسـتـوكـفـان ولايــعـروهـمـا عــــدم
ســهـل الـخـليقةِ لاتـخـشى بــوادره يـزيـنه إثـنان:حسن الـخلق والـشيم
حــمّـال أثــقـال أقـــوام إذا افـتـدحـوا حــلـو الـشـمـائل تـحـلو عـنـده نـعـم
مــاقــال:لاقــطٌ إلا فـــــي تــشــهـدهُ لــــولا الـتـشـهـد كــانــت لاءهُ نــعــم
عــمّ الـبـرية بـالإحـسان فـانـقشعت عـنـهـا الـغـيـاهب والإمــلاق والـعـدم
إذا رأتـــــه قـــريــش قــــال قـائـلـهـا إلـــى مــكـارم هـــذا يـنـتهي الـكـرم
يـغـضي حـيـاءً ويـغضى مـن مـهابتهِ فـــــلا يُــكّــلَـمُ الإ حـــيــن يــبـتـسـم
بــكــفّـه خـــيــزران ريــحـهـا عــبــق مــن كــف أرع فــي عـريـنيه شـمـم
يــكــاد يـمـسِـكـه عــرفــان راحــتــهِ ركـــن الـحـطـيم إذا مــاجـاء يـسـتلمُ
الله شــــرفـــه قِـــدمـــاً وعــضــمــهُ جــرى بــذَاكَ لــه فــي لـوحـة الـقلم
أي الـخـلائـق لـيـست فــي رقـابِـهُم لأوّلــــيّـــة هـــــــذا أولــــــه نـــعـــم
مــــن يـشـكـر الله يـشـكـر أوّلــيّـةذا فـالـدين مــن بـيـت هــذا نـالهُ الأُمـم
يـنمي إلـى ذروة الـدين التي قصُرت عـنـها الأكــفّ وعــن إدراكـهـا الـقـدم
مـــن جـــدّه دان فــضـل الأنـبـيـا لــه وفــضــل أمــتـهِ دانـــت لـــهُ الأمـــم
مـشـتـقّةٌ مـــن رســـول الله نـبـعـته طــابـت مـغـارِسه والـخـيم والـشـيَمُ
يـنشق ثـوب الـدجى عـن نـور غـرّته كالشمس تنجاب عن إشراقها الظُلم
مــن مـعـشرٍ حـبـهم ديــن ٌوبـغضهم كــفــر وقـربـهـم مـنـجـى ومـعـتـصمُ
مـــقــدمٌ بــعــد ذكــــر الله ذكــرهــم فــي كــل بــدء ومـخـتوم بــه الـكـلمُ
إن عــد أهــل الـتـقى كـانـوا أئـمـتهم أو قـيل مـن خير أهل الأرض قيل همُ
لا يـسـتـطيع جـــوادٌ بــعـد جــودهـم ولا يــدانــيـهـم قـــــومٌ وأن كـــرمــوا
هـــم الـغـيـوث إذا مــا أزمــةٌ أزمــت والُسد أُسد الشرى ، والبأس محتدمُ
لايـنـقص الـعسر بـسطاً مـن أكـفهم سـيّـان ذلــك : إن أثــروا وإن عـدمـوا
يُـسـتـدفعُ الــشـر والـبـلـوى بـحـبهم ويـسـتـربُّ بـــه الأحــسـان والـنـعـم
فبعثه هشام وحبسه ومحا اسمه من الديوان ، فبعث إليه علي بن الحسين عليه
السلام بدنانير فردها ، وقال : ما قلت ذلك إلا ديانة ، فبعث بها إليه أيضا ،
وقال : قد شكر الله لك ذلك ، فلما طال الحبس عليه وكان يوعده بالقتل شكا
إلى علي بن الحسين عليهما السلام ، فدعا له فخلصه الله ، فجاء إليه وقال يا
ابن رسول الله : إنه محا اسمي من الديوان فقال : كم كان عطاؤك ؟ قال : كذا
، فأعطاه لاربعين سنة وقال عليه السلام : لو علمت أنك تحتاج إلى أكثر من
هذا لاعطيتك فمات الفرزدق بعد أن مضى أربعون سنة